أخبار شركة عبدالصمد القرشي

محمد عبدالصمد القرشي: السعوديون يضخون ملياري دولار في العطور الشرقية

محمد عبدالصمد القرشي: السعوديون يضخون ملياري دولار في العطور الشرقية

صحيفة الشرق الأوسط – 04/05/2009

قدر محمد عبد الصمد القرشي، الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات «عبد الصمد القرشي» حجم الاستثمار في قطاع العطور بدول مجلس التعاون الخليجي بنحو 4 مليار دولار سنويا، تبلغ قيمة السوق السعودية منها ملياري دولار، ما يجعلها تحتل المركز الأول بين أكثر الدول الخليجية استثمارا لذلك القطاع، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأوضح القرشي خلال حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مكتبه بمكة المكرمة، أن السعودية تستحوذ على أكثر من 15 في المائة من حجم السوق العالمية للعطور ومستحضرات التجميل، إلا أن البخور والعود والعطور الشرقية تشغل حيزا واسعا جدا في ظل تطلع شركاتها ومورديها إلى زيادة حجم الاستثمار وتطوير هذه الصناعة.

ودعا محمد عبد الصمد القرشي، وزارة التجارة السعودية للقيام بدورها وحماية التجار من الغش التجاري والتقليد، الذي اعتبره أهم أسباب التشويش لدى العميل، الذي اعتاد على المنتجات الجيدة ليفاجأ فيما بعد بعطور مغشوشة. مشيرا إلى وزارة التجارة إذا لم تحمي الشركات فإن الأمر سيكون كارثيا على المصنعين والشركات الكبرى. فالي نص الحوار..


* كم يبلغ حجم سوق العطور الشرقية في منطقة الخليج العربي؟

ـ يصل حجم الاستثمار في قطاع العطور بشكل عام في دول مجلس التعاون الخليجي إلى نحو 4 مليار دولار سنويا، وتحتل السعودية المركز الأول بين أكثر الدول الخليجية استثمارا لذلك القطاع، إذ يتجاوز حجم السوق السعودي للعطور الشرقية ملياري دولار، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة.


* يعاني سوق العطور الشرقية من ظاهرة التقليد، فيكف يمكن للمستهلك أن يميز بين المغشوش والأصلي من تلك المنتجات؟

ـ نحن الآن نسير في أمور كثيرة مع عدة جهات بسبب مشاكل التقليد التي نواجهها، والمتمثلة في تقليد العطور والشكل والشعارات والمسمى، الأمر الذي يسبب تشويشا للعميل الذي اعتاد على المنتجات الجيدة ليفاجأ فيما بعد بعطور مغشوشة، ما يجعل الشركات تغير معطياتها.

ويعد التقليد الجوهر الذي تعاني منه شركات العطور الشرقية، إضافة إلى كونه ظاهرة عالمية، لذلك نأمل من وزارة التجارة تفعيل دورها بشكل أكبر فيما يخص الغش التجاري، باعتباره مشكلة حقيقية على المصنعين والشركات الكبرى، الذي ينذر بوقوع خطر كبير إذا لم تحمينا الوزارة، غير أننا نحاول مكافحته بكل الوسائل المتاحة لنا.


* هناك من يستغل التدين في ترويج منتجاتهم أمام أبواب الجوامع وفي بعض المراكز والمحلات التجارية، فما هو تعليقكم على ذلك؟

ـ من المستغرب أن يستخدم الشخص ما يضره بطريقة لا يعلمها، فليس كل من باع دهن عود أمام باب مسجد بسعر زهيد يعتبر صادقا لمجرد أنه متدين، ولا بد أن يتحل المستهلك بالوعي الكافي في ظل تحذير الدراسات والتقارير الطبية من استخدام مواد عطرية قد تسبب سرطان الجلد.

في بدايات نشاطنا كنا نعتقد أن تجارة العطور أمر سهل، ولكن حينما وصلنا للعالمية منذ عشر سنوات واجهتنا مشاكل كبيرة في الدول الأوروبية، لا سيما وأنها تمنع إدخال أي نوع من العطور دون أن تطلع على مستند يوضح مكوناته، إضافة إلى إجبارها لنا بالتنويه عن أي عطر يحتوي على مادة مسببة للحساسية. وتعد المصداقية والثقة في المنتج أمرا في غاية الأهمية، إلا أن ظاهرة التستر بالتدين لترويج مثل تلك المنتجات موجودة، وصادرة عن فئة تعلم مدى تمسك الشعب السعودي في دينهم، ما يجعلهم يلجأون إلى تقصير الثياب وإطلاق اللحى لكسب ثقة الناس.


* وما سبب ربط التطوع بالإقبال على العطور الشرقية تحديدا؟

ـ السبب يكمن في الاستعطاف، فعادة حينما يتم التعامل مع شخص متدين تكون هناك مصداقية أكثر، لربما يتم استغلال هذا الجانب لترويج المنتجات المغشوشة، غير أن تلك التصرفات صادرة من ضعاف النفوس الذين يلجأون لتلك الحيلة من أجل استعطاف الناس، ولا بد من التركيز بشكل أكبر على الباعة المتجولين، باعتبارهم ظاهرة غير صحية ومضرة، وتساعد على انتشار أمور سلبية بين أفراد المجتمع، إذ لا بد من الارتقاء بالفكر والوعي.


* كيف تنظرون إلى مستوى النمو والتطور الذي تشهده صناعة العطور الشرقية في السعودية؟

ـ لو أخذنا بعين الاعتبار نسبة نمو قطاع صناعة وتجارة العود والعطور الشرقية في السعودية خلال السنوات الأخيرة وحتى أواخر عام 2008، التي تصل إلى نحو 20 في المائة سنويا، لأدركنا تماما مدى حجم التطور والنهضة الصناعية، الذي لم يكن من نصيب كثير من الصناعات الأخرى، الأمر الذي يعكس مستوى حيوية وفعالية وتطور قطاع الصناعات العطرية في السعودية.


* هل تمتلك صناعة العطور في السعودية مقومات تنافسية عالية مقارنة بالدول الأخرى؟

ـ يعد الارتقاء بالمقدرة التنافسية إلى مستوى العالمية لمنتجات الصناعة العطرية السعودية ضروريا جدا، ليس فقط لكسب حصص في الأسواق العالمية وحسب، بل للمحافظة أيضا على حصص الأسواق المحلية وتعزيزها، فالشركة تعمل على رفع معدلات الإنتاجية والجودة للمستويات القياسية العالمية، بدليل نجاح منتجاتها في كل من المملكة المتحدة وفرنسا.


* ما هي نظرتكم المستقبلية تجاه صناعة العطور الشرقية في المنطقة؟

ـ تشهد صناعة العطور ازدهارا كبيرا في بلدان الخليج العربي، وتتصف السعودية بكونها من الأسواق الاستهلاكية المهمة على مدار السنة، وبالرغم من استحواذها على أكثر من 15 في المائة من حجم السوق العالمية للعطور ومستحضرات التجميل، إلا أن البخور والعود والعطور الشرقية تشغل حيزا واسعا جدا في ظل تطلع شركاتها ومورديها إلى زيادة حجم الاستثمار وتطوير هذه الصناعة.


* باعتباركم أحد أعضاء الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة، هل ترون وجود توحيد جهود بين الغرف التجارية في جميع مناطق السعودية؟

ـ يوجد مجلس الغرف في الرياض الذي يقوم بالتنسيق بين جميع الغرف، وهناك نظام صادر واضح وصريح يحدد مهام كل غرفة ومسؤولياتها وواجباتها في المجتمع التجاري، ونحن كأعضاء مجلس إدارة نراعي الأمر الملكي الصادر لنخدم المجتمع، غير أن وجودنا ليس مهما، بل ما نقدمه هو الذي يهمنا، ولا ننكر أن ثمة تنسيقا بين جميع الغرف التجارية، إلا أنه ضعيف ويفتقد للرابط الذي يجب أن يكون عليه.


* وماذا عن تواجد المرأة في غرفة مكة، هل تم تفعيل دورها مثلما حدث في جدة؟

ـ تم تفعيل دورها بخطوات ضعيفة، إذ تم إنشاء مركز فاطمة الزهراء النسائي في الدورة السابقة، الذي يعد مركزا متكاملا لخدمة سيدات الأعمال بمكة المكرمة، وتدريب الفتيات وصقل مواهبهن، غير أن ذلك لا يكفي، ونحن الآن نمر بمرحلة جيدة نتطلع من خلالها للامتياز وتفعيل الدور النسائي داخل الغرفة بشكل أقوى.

ومن الأمور التي شاركت فيها المرأة بالغرفة التجارية في مكة المكرمة هي لجنة إصلاح ذات البين، التي تعد وسطية للمحافظة على حقوق المرأة، خصوصا وأنه في بعض الأحيان تلجأ المرأة للمحكمة نتيجة خلاف بينها وبين زوجها ويحكم ضدها رغم أنها صاحبة الحق، غير أن ذلك يحدث نتيجة عدم قدرتها على الدفاع عن نفسها وإيصال الرسالة، ومن الملاحظ أن الكثير من الحالات التي تلجأ للجنة إصلاح ذات البين تنتهي في مهدها في ظل إخضاع الزوجين لدورات تدريبية وتأهيلية.


* غالبا ما تواجه الشركات العائلية الكثير من المشاكل بعد رحيل مؤسسيها، ما هي الأسس والقوانين التي اتبعتموها للحفاظ على كيان شركة عبد الصمد القرشي كأحد الشركات العائلية؟

ـ أنا وأشقائي وشقيقتي ووالدتي من نملك الشركة، وبعد رحيل والدي جعلنا الشركة تسير وفق الإرث الشرعي، فللذكر مثل حظ الأنثيين وللأم الثمن، ومن ثم بدأنا في إعادة هيكلة الشركة للحصول على بناء سليم، إضافة إلى إنشاء دستور عائلي في ظل اعتماد الشركات العائلية على القوانين المسنة بهدف تحويلها إلى شركات مساهمة، غير أن ذلك لا يكفي، إذ لا بد من وضع قواعد تحدد طريقة ترأس الشركات بموافقة شركائها، لا سيما وأن المشكلة ليست في الجيلين الأول والثاني، وإنما قد تنهار الشركة بعد تسلم الجيل الثالث والرابع لها، الأمر الذي يحتم على ملاك الشركة التحلي بالوعي الكامل حيال المخاطر المحدقة بالشركات العائلية، وسن القوانين منذ البداية.


* هذا يعني أن لديكم نية في تحويل شركتكم العائلية إلى شركة مساهمة؟

ـ يبلغ عدد مجموعة شركات عبد الصمد القرشي 28 شركة ذات نشاطات مختلفة كالألماس والذهب وغيرها، وهي متفرعة من الشركة الأم والمتمثلة في شركة العطور، التي ستتحول قريبا إلى شركة مساهمة في ظل انتشارها بـ15 دولة من خلال 151 فرعا، من ضمنها دولتان أوروبيتان «باريس ولندن».

خاصة أن قصة نجاح عائلة القرشي تمتد لأكثر من 150 عاما، إذ كانت نقطة البداية مع الشيخ عبد الصمد القرشي، رحمه الله، في محل تجارة متواضع تطور كثيرا ليضم الهدايا ومنتجات العناية بالشعر والخلطات والطلبات الخارجية، إضافة إلى العود والعنبر والعطور.


* في خضم المنافسة الشرسة بسوق العطور الشرقية، أين أنتم وما هي الإستراتيجية التي تسيرون بموجبها للحصول على أكبر حصة في السوق؟

ـ مع أكثر من 800 عطر مبتكر يحق للشركة التباهي بما تملكه من إرث عطري وحسي لا نظير له، وهذا يجعلنا لا نخشى المنافسة، وإنما نراها حافزا قويا للتطور، فالابتكار والإبداع والتميز دائما والخطط التسويقية والبيعية الموضوعة والمعتمدة على أسس إرضاء العملاء كفيلة لضمان بقائنا كأكبر شركة ودار للعطور.


* ما مدى تأثير الأزمة المالية العالمية الحاصلة على خطط شركتكم في التوسعات والاستثمارات المستقبلية داخليا وخارجيا؟

ـ الأزمة المالية العالمية الحاصلة باتت قضية عالمية، ولم تسلم أي منطقة أو دولة في العالم من تداعياتها، إلا أن تأثر الدول بانعكاسات تلك الأزمة كان متفاوتا، ومما لا شك فيه أن الاقتصاد السعودي يمر في الوقت الحالي بمرحلة ازدهار ترتفع فيها معدلات النمو والاستثمار في القطاعات المختلفة، إضافة إلى أن مسيرة التنمية مستمرة بالرغم من الأزمة، ما يجعل التأثير على الاقتصاد محدودا بسبب النهضة المحلية وسلامة الوضع المالي داخل البلد.

ونحن لا نقلل من حجم الأزمة المالية باعتبارها شديدة، ولكننا نؤمن بأن معظم الخسائر ناتجة عن انخفاض أسعار الأسهم والاستثمارات، بينما تعد المشاريع الفعلية في السعودية والموجودة على أرض الواقع عملاقة، والشركة استطاعت التخطيط وتمويل جميع المشاريع التوسعية للعامين 2009 و2010 قبل حدوث الأزمة.


* كيف تصنفون المرحلة المقبلة بالنسبة لكم، وما هي إستراتيجية أدائكم خلال السنوات المقبلة؟

ـ تعتبر المرحلة المقبلة هامة جدا، خاصة وأن مجلس إدارة الشركة من خلال توجهه للتعاون الدولي مع الشركات العالمية والتوسع الإعلامي في المنطقة ودول أوروبا والعمل على افتتاح فروع جديدة في الدول العربية والغربية وطرح منتجات عالمية جديدة بشكل مدروس سيشكل نقطة حاسمة في المرحلة القادمة.


* هل لديكم نية للدخول في تحالفات مع شركات محلية أو عالمية؟

ـ بدأنا الآن فعلا عقد تحالفات مع شركات عالمية، إذ تم مؤخرا توقيع عقود توزيع بين شركة «عبد الصمد القرشي» وشركة «سيفورا» العالمية في دول الخليج وأوروبا، إضافة إلى توقيع عقد شراكة إستراتيجية بيننا وبين شركة «باريس غاليري» بدول الخليج، والنتائج مرضية حتى الآن.


* باعتباركم تملكون شركة متخصصة في العطور الشرقية بأنواعها، فهل هناك نية لإشراك العنصر النسائي للعمل فيها؟

ـ إن الشركة بفروعها حفزت على دخول العنصر النسائي، إذ إن هناك نساء في عدة أقسام خارج السعودية يشغلن مناصب كبرى، ونحن بصدد توفير وظائف نسائية في مجال المبيعات بمناطق معينة، مع مراعاة الخصوصيات الدينية فيها وإن كنا لا نرى خلافا، فالمرأة مثل الرجل من حقها أن تعمل وتحافظ على دينها وهويتها، إضافة إلى وجود مشروع لإنشاء فروع نسائية تمنح فرصة المشاركة للمرأة في الشركة.


* ينظر البعض لمندوبات المبيعات والتسويق بشكل سلبي نتيجة استخدام بعض الشركات لهن بشكل مبتذل، كيف يمكن تغيير تلك النظرة؟

ـ للأسف هذا الأمر موجود، إذ يتم اختيار أشكال جميلة لتسويق المنتج، إلا أنه من الضروري أن نؤمن بدور المرأة كعنصر فعال في المجتمع، ولا بد أن تتغير نظرة المجتمع، وإعطاؤها حقها في النزول لمضمار العمل والتطرق للأماكن التي من الممكن أن تعمل بها دون أن يخدش حياؤها.

وفي التوسع الجديد للشركة سيتم تحويل قسم إدخال البيانات إلى قسم نسائي بإشراف رئيسة قسم يمنع دخول الرجال فيه، إضافة إلى افتتاح فروع نسائية للمبيعات أيضا، ويجب على كل صاحب عمل المحافظة على موظفيه سواء كانوا نساء أو رجالا من منطلق الحديث الشريف «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».


* تتميز عطور عبد الصمد القرشي، بأسماء عربية ودينية، كيف يتم اختيار تلك المسميات؟

ـ ما لا يعرفه الناس عن شركة عبد الصمد القرشي أن لها رسالة دينية واضحة ووطنية بحتة، والمتمثلة في تقديم رسالة عطرية للعالم بأكمله بشكل وسطي تعكس مدى قدرتنا على التعايش مع كل الناس، فلا يحكم على الكثرة بما فعلته القلة، وحينما نطلق مسميات عربية أصيلة أو دينية على منتجاتنا السعودية والمنطلقة تحديدا من مكة المكرمة، فإننا نحاول بذلك ملامسة إحساس الفرد حتى خارج بلده، خاصة وأن الشركات الأوروبية الكبيرة دائما تحاول التسويق لبعض معتقداتها عبر أسماء منتجاتها، الأمر الذي يجعلنا نبني المنهجية بشكل واضح.

وهناك عناصر عدة تعتمد على اختيار ودراسة الأسماء التي تطلق على العطور، وربط الهوية العطرية بالاسم وفق دراسة متكاملة، إذ أن جزءا من اختيار الأسماء يتم بناؤه لمداعبة مشاعر الشخص كهوية عطرية من مكة المكرمة.