مجلة بيزنس العربية (Arabian business)
المملكة العربية السعودية تستحوذ بمفردها على أكثر من 15 بالمائة من حجم السوق العالمية للعطور ومستحضرات التجميل. وفي لقاء خاص مع أريبيان بزنس، أشار محمد عبد الصمد القرشي الرئيس التنفيذي لشركة عبد الصمد القرشي للعود والعنبر والعطور، أن الشركة دخلت في عقد تحالفات وشراكات استراتيجية مع شركات عالمية، حيث تم مؤخراً توقيع عقود توزيع بين الشركة وشركة "سيفورا"العالمية في دول الخليج وأوروبا، وذكر أن أهم تحديات سوق العود والعطور في السعودية تتمثل في ظاهرة الغش التجاري، حيث تعاني الشركة من ذلك ليس في الشعار فقط بل في الشكل والعبوات مما دفع الشركة إلى اللجوء إلى دوائر صناعة القرار في المملكة لحفظ حقوقهم المنهوبة.
- تاريخ عريض وواسع لشركة عبد الصمد القرشي كيف كانت النشأة وأين تقف الشركة؟
- دعني أبدأ معك أولاً من الأرض الصلبة التي تقف عليها شركة عبد الصمد القرشي، وذلك بفضل من الله تعالى نحن نتواجد في معظم الدول، حرصنا منا أن نضع منتجاتنا في متناول المستهلكين بجودة عالية مصحوبة بدراسات فاحصة تلبي كل الأذواق وهذا واقعنا حالياً.
أما بداية تأسيس الشركة فأنت تعود بنا إلى قبل أكثر من 75 عاماً عندما أسس والدنا رحمة الله هذه الشركة من متجر صغير في مكان غير بعيد عن الحرم المكي الشريف،وبعد وفاة والدنا أسسنا شركة عبد الصمد القرشي وحرصنا أن تحمل اسمه، ونحن نمتلكها بالإرث الشرعي، ورئيس مجلس إدارتنا أخي وموجهي ومعلمي الشيخ إحسان عبد الصمد القرشي، ونائب رئيس مجلس الإدارة أخي زهير وهو أيضاً من الموجهين لي والمشرف على القطاع المالي.وإلى جانبي كشريك ثالث يشاركنا أخي الأصغر أنس المدير التنفيذي للشركة ثم أختنا ووالدتنا، ومجموعتنا تضم بحمد الله 22 شركة في أنشطة متعددة ولا تقتصر على صناعة العطور، ونشأتنا وبدايتنا في مكة المكرمة التي نعتز بها.
- قلتم أن البداية كانت بمتجر صغير في ركن غير بعيد عن الحرم الشريف حدثنا عن ذلك؟
- كانت البداية مع والدنا الشيخ عبد الصمد القرشي عندما افتتح متجر متواضع في أرض البيت العتيق في مكة المكرمة وبالتحديد في الصفا، حيث انطلق يصنع وينشر الأثر الطيب لأفضل الخلطات والعطور في العالم العربي والغربي، ويمتد تاريخ البدايات تحديداً لشركة عبد الصمد القرشي لحقبة تزيد عن 75 عاماً 1932م.
وطوال هذا العمر المديد للشركة تطورت تطورا كبيراً لتضم بالإضافة للعود والعنبر والعطور، الهدايا ومنتجات العناية بالشعر والخلطات والطلبات الخارجية. واليوم تضم شركة عبد الصمد القرشي أكثر من 800 منتجا ونوعا في المحلات، وأكثر من 161 محلاً منتشرة في دول العالم، وتمتلك الشركة 12 مصنعاً وورشة ليتم من خلالهم عملية التصنيع والتصميم والإنتاج لكل ما تصنعه الشركة وتدفع به إلى الأسواق.
- إذاً أنتم من أقدم تجار العطور في السعودية؟
- يعرف القاصي والداني أننا لسنا دخلاء على المهنة، وإنما توارثنها أباً عن جَد، فأسرتي أسرة صناعية في مجال العطور منذ أكثر من 150عاماً، وقد احتفلنا باليوبيل الماسي على تأسيس هذا الاسم اسم عبد الصمد القرشي في عالم العود والعنبر والعطور.
يهم القارئ أن يعرف الآن كيف يتم استخراج دهن العود من الغابات؟ وما هي صفات أشجاره؟
أشجار العود أشجار استوائية عتيقة توجد في المناطق الاستوائية، مثل الهند وكمبوديا وفيتنام وبورما وفي الآونة الأخيرة وُجدت في إندونيسيا والصين وبروناي.أما دهن العود فلا يُستخرج من عود البخور نفسه وإنما من لحاء الشجرة أي من أوراق الثمرة وليس من الثمرة نفسها حيث يعطينا الكيلوغرام الواحد 3 إلى 6 غرام من الدهن فقط لا غير.وقد حاولت زراعة عود البخور في المملكة، وأنشأت له محميّات ونجحت ولكنه لم يثمر نتيجة طبيعة الجو في المملكة لأنه يحتاج إلى غابات استوائية.
- تتحدثون دوماً عن رؤية طموحة لتعزيز حضور الشركة في السوق المحلية؟ كيف؟ ومتى ستطبق؟
- الفكر التطويري لدى شركة عبد الصمد القرشي لم يتوقف ولن ينتهي، ومن هذه الركيزة الأساسية التي تبنى عليها أي استراتيجية كبرى، فإننا لدينا طموح كبير في التوسع بقوة في الدول المتواجدين فيها حالياً، ومن ثم زيادة الانتشار في دول أخرى. أما فيما يخص استماراتنا خارج المملكة فنحن موجودون في جميع دول الخليج العربي ولبنان والأردن ومصر وبعض دول المغرب العربي وبعض الدول الأوروبية كالجمهورية الفرنسية في باريس، وانجلترا، باختصار نحن متواجدون في 14 دولة حول العالم.
- كيف تنظرون إلى تطور صناعة العطور في المملكة العربية السعودية والخليج؟
- تشهد صناعة العطور ازدهاراً كبيراً في دول الخليج العربي ويأتي على رأس هذه الدول المملكة العربية السعودية، حيث تستحوذ على حصة كبيرة من السوق وتوصف المملكة بكونها من الأسواق الاستهلاكية المهمة على مدار العام، وبالرغم من استحواذ المملكة العربية السعودية على أكثر من 15 بالمائة من حجم السوق العالمية للعطور ومستحضرات التجميل. تظل المملكة تشغل حيزاً كبيراً من حجم صناعة البخور والعود والعطور الشرقية ومن الثابت أن شركات وموردي العطور الشرقية في المملكة يتطلعون إلى زيادة حجم الاستثمار وتطوير هذه الصناعة.
- هناك تخوف من عدم امتلاك صناعة العطور المحلية مقومات المنافسة العالمية؟
- من يقول هذا الحديث أو يؤمن به لم يعرف حقيقة قوة صناعة العطور المحلية، ولم يسبر أغوارها أو يكلف نفسه سؤال الشركات العملاقة وفي مقدمتها عبد الصمد القرشي،فمن المؤكد أن الارتقاء بالقدرة التنافسية والوصول إلى المستوى العالمي لمنتجات الصناعات العطرية في السعودية أمر ضروري ليس فقط لكسب حصص في الأسواق العالمية، وإنما أيضا للمحافظة على حصص الأسواق المحلية وتعزيزها بقوة، وهذه سياستنا في شركة عبد الصمد القرشي. نحن نجاهد من أجل رفع معدلات الإنتاجية والجودة لدينا إلى المستويات العالمية، وخير دليل على ذلك نجاح منتجاتنا في الجمهورية الفرنسية والمملكة المتحدة وهما من أبرز عواصم العطور في العالم.
- هل تلمسون دعماً من الحكومة لهذه الصناعة؟
- دعم الحكومة للصناعات بشكل عام ولصناعة العطور على وجه خاص ليس جديداً، فالدعم متواصل ولم يتوقف ولن يتوقف فالقيادة الراشدة في المملكة تدرك أهمية دعم الصناعة وإنعاشها ما يجعلها مؤهلة للمنافسة عالميا وبكفاءة عالية. والحقيقة أن الارتقاء بالقدرة التنافسية إلى مستوى العالمية لمنتجات الصناعة العطرية السعودية كان أمراً ضروريا جدا، ليس فقط لكسب حصص في الأسواق العالمية وحسب، بل للمحافظة أيضا على حصص الأسواق المحلية وتعزيزها، فالشركة تعمل على رفع معدلات الإنتاجية والجودة للمستويات القياسية العالمية،أود أن أشير إلى أن صناعة العطور الخليجية تشهد ازدهارا كبيرا، والمملكة من الأسواق الاستهلاكية المهمة على مدار العام، حيث تستحوذ على أكثر من 15 في المائة من حجم السوق العالمية للعطور ومستحضرات التجميل، وهناك نسبة نمو عالية لسوق العطور تصل إلى نحو 20 في المائة سنوياً،وهو ما يجعل هذا السوق بيئة مثلى للاستثمار، حتى أصبحت المملكة وجهة مميزة للمستثمرين.
- هل لديكم أي دراسات توضح حجم سوق صناعة العطور في المملكة؟
- يقدر حجم صناعة العود والعطور في المملكة بـ 15 مليار ريال سنويا، وتستحوذ شركة عبد الصمد القرشي على حصة مميزة منها لا أود الكشف عنها، لكن منافسينا يعرفون جيداً قوة شركتنا وحصتها في السوق المحلي، فهذه الصناعة كغيرها من الصناعات الأخرى امتدت لها يد الرعاية من الدولة بالتشجيع والدعم والمساندة، فأصبحنا نغزو معاقل صناعة العطور في أمريكا وفرنسا وكثير من البلدان التي كانت تسيطر على الصناعات العطرية في العالم لسنوات طويلة. وطموحنا لا يتوقف عند حد معين، لأن هدفنا أن نرفع اسم (صنع في المملكة) عاليا في كل المحافل الدولية، وهذا أقل واجب نقدمه لبلدنا، نحن نفخر كثيرا بوطننا، ونفخر أيضا بمنتجاتنا وواجباتنا يجب أن لا تتوقف ولا تنتهي، فالانتماء للوطن مسئولية تقتضي العمل على رفعة دائما.
- نما إلى علمنا أنكم تخططون للشراكة مع باريس غاليري هل لديكم توجه للدخول في شراكات استراتجية على الصعيد المحلي أو العالمي؟
- اسم شركة عبد الصمد القرشي بني في 75 عاماً، وأي تحالف مع أي شركة عالمية هو مكسب بلا شك للطرفين، ونحن بدأنا فعلاً عقد تحالفات مع شركات عالمية، وقد تم مؤخراً توقيع عقود توزيع بين شركة عبد الصمد القرشي وشركة "سيفورا" العالمية في دول الخليج وأوروبا. وتم أيضاً توقيع عقد شراكة استراتيجية بيننا وبين شركة "باريس غاليري"في دول الخليج والنتائج مرضية حتى الآن. والملاحظ أن سياسة التحالفات أو عقد الشراكات الاستراتيجية يتناغم مع انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية ودخول شركات عالمية مختلفة إلى السوق السعودي ومما لاشك فيه أن شراكاتنا إقليما ودولياً تعزز من مكانتنا وقوتنا في السوق.
- الغش التجاري أكبر مهدد للصناعات،هل سلم سوق العطور والعود من الغش وماذا تكبدتم من خسائر؟
- تعاني صناعة العطور الشرقية من الغش والتقليد، ونحن في مجموعة عبد الصمد القرشي نعاني من التقليد ليس في الشعار فقط بل في الشكل والعبوات، وقد لجأنا إلى دوائر صناعة القرار في المملكة لحفظ حقوقنا التي نهبت من قبل البعض، نحن الآن نمضي قدما في أمور كثيرة مع عدة جهات بسبب مشاكل التقليد التي نواجهها، والمتمثلة في تقليد العطور والشكل والشعارات والمسمى، الأمر الذي يسبب تشويشاً للعميل الذي اعتاد على المنتجات الجيدة ليفاجأ فيما بعد بعطور مغشوشة، ما يجعل الشركات تغير معطياتها، ويعد التقليد الجوهر الذي تعاني منه شركات العطور الشرقية، إضافة إلى كونه ظاهرة عالمية، نحن نعول على وزارة التجارة والصناعة وتفعيل مهامها بشكل أكبر لمحاربة ظاهرة الغش التجاري، باعتباره مشكلة حقيقية تهدد المصنعين والشركات الكبرى، ويهدد حتى مستقبل الاستثمارات واستقطاب الرساميل الأجنبية.
- وكيف ستواجهون هذا الأمر؟
- قمنا مؤخراً بتخصيص فريق عمل يضم نخبة من أكبر المتخصصين والمستشارين لرصد تلك المخالفات واتخاذ الإجراءات النظامية والقانونية من أجل حماية منتجاتنا ومحاربة المقلد والمغشوش، من أجل حماية اسمنا وعلامتنا وحماية المستهلك والحقيقة أن الآلية والمراقبة من قبل جهات الاختصاص لمراقبة الغش والتقليد تحتاج إلى كثير من الجهود في ظل هذا الكم الهائل من السلع والمنتجات المقلدة، ويجب أن تتضافر الجهود بين جهات الاختصاص (وزارة التجارة والصناعة والجمارك) والتاجر والمستهلك لمجابهة هذا الخطر وحماية الشركات الأصلية من خطر التقليد.
- ما هي أبرز التحديات التي واجهتكم للدخول إلى الأسواق العالمية بمنتجات سعودية؟
- عندما قررت الشركة أن تقتحم الأسواق العالمية، وتنافس معاقل صناعة العطور في العالم، واجهتها تحديات جمة أبرزها أن معظم الدول الأوروبية تمنع إدخال أي نوع من العطور دون الاطلاع على مستند نظامي يوضح مكونات الإنتاج، وإلزام الشركة الموردة بمواصفات خاصة جدا لحماية المستهلك من أي أضرار تنتج، وغير هذا هناك مواصفات ومقاييس عالية جداً يجب تنفيذها بدقة قبل السماح بدخول المنتج، وهنا قررت الشركة هيكلة وضعها وتعزيز دورها واستطاعت نتيجة التزامها بالمعايير العالمية في التصنيع، واستنادا إلى خبرتها الطويلة أن تتجاوز كل هذه الشروط بنجاح، وكان لها ما أرادت فأصبحت فروعنا ومتاجرنا تنتشر في مختلف بلدان العالم.